حسابنا الإحتياطي على تويتر @haleeminc رجاء النشر
فى رحاب القرآن
الأحياء حقا.. والأموات حقا...
صدق الشاعر حيث يقول
الناس صنفان موتي في حياتهم
وأخرون ببطن الأرض أحياء
أما الأحياء فهم من شهد لهم الله سبحانه بذلك حيث قال وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . الذين قدموا حيانهم فداء لقضيتهم، الألف شهيد ويزيد في غزة الصامدة، ومثلهم من ينتظر، يفاتل وهو يعلم ان يوم لقاء الله قريب، مهما بعد، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله
"..إنفضّوا اليها وتركوك قائما" صدق الله العظيم
في ليلة البارحة، أثناء صلاة العشاء التي تعودتها في مسجد صغير قريب، أخذ الفكر يتفلّت حسيساً ويسرح بعيداً في أفق الحاضر وغياهب الماضى شاردا عن قراءة الإمام الذي أخذ صوته في التباعد رويدا رويدا حتى كدت أن أغيب عن المسجد مرةً، حتى تسامعت من بعيد قراءة الإمام لقوله تعالى "فإذا رأوا تجارة أو لهواً إنفضوا اليها وتركوك قائما"، وإذا بالفكر ينجذب بشدة عائداً إلى الإنصات حين تلا الإمام هذه البينات،
وصايا لقمــــان (5): "واصبر على ما أصابك..."
"يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"17
وفي هذه السلسلة من التوجيهات النبوية، يأتي لقمان عليه السلام إلى تصوير الحياة كما هي كائنة وتوجيهها كما ينبغي أن تكون. فالأمر بإقامة الصلاة هو، كما هو ديدن النهج القرآني، أمرٌ بإقامة الشرع لا مجرد الصلاة، فالصلاة مظهر أصليّ في تحكيم الشرع، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بأن يتحسس
وصايا لقمــــان (4): "عالِمُ الغيب والشهادة..."
“يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ“(16)
ولقمان لم يـُوجّه في هذه الآية الكريمة وصية مباشرة لإبنه، وإنما أدى اليه خبراً، وأيّ خبرٍ! خبر مكنونات الظاهر والباطن، وقائع الغيب والشهادة، التي هي، عند الله سبحانه، كلها من المشهود المعلوم. فالإنسان يُصوّر له غروره أنه قد يكتم سراً أو يخفى حقاً أو يوارى سيئة
وصايا لقمــــان (3): "أن أشكر لي ولوالديك…"
"وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا(15)"
حين تأتي ساعة الميلاد، والأم المرهقة العانية من حَمل ثـِقلها وهناً على وهنِ وضعفاً على ضعفٍ، ينزف عَرَقـُها على جبينها من الإرهاق المُـكِدّ وتتقلص ملامحها من الألم المُمِضّ، والأب الوجلُ المتوتر لا يعرف ما يفعل، بل
وصايا لقمــــان (2): "يا بني لا تشرك بالله..."
"وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (13).
هكذا بدأت وصايا لقمان لإبنه بأوجب ما يجب على المرء أن ينشأ عليه وليده، عدم الشرك بالله، ويحمل هذا التوجيه الأبوىّ غاية ما يتمنى إمرء أن يرى ولده آخذا به بقوة. ونلحظ أنّ لقمان لم يقل لإبنه "يا بنيّ وحّد الله"، رغم قرب ما بينهما للعين غير المتفحّصة، ولكن التعبير القرآني لا يضع
وصايا لقمــــان (1): إنما أولادنا أكبادنا تمشى على الأرض
ما تمثلت هذه الأبيات إلا وتذكرت قول المصطفي صلى الله عليه وسلم "إن من الشعر لحكمة" (رواه أبي داود عن أبيّ بن كعب)، فإن أولادَنا بضعٌ منا لا ينزل أحد منزلتهم كائناً من كان، ولو كان الوالدين، ولهذا ذكّر الله سبحانه الأبناء بمنزلة الوالدين، وأوصاهم بمصاحبتهما معروفاً، ولم يوصٍ الوالدين بالأبناء لأن ذلك مما جُبلت عليه فطرُهم واستقرّ في قلوبهم، لا حاجة للتذكير به أوالحضّ عليه.
والحب أصناف تتميز بتميز طرفيه،
إنه كان ظلوما جهولا
يتحدث الناس عن ظلم الحاكم – أي حاكم - وجبروته وطغيانه وعن القمع الذي يمارسه والإرهاب والفساد الذي يشيعه في حياة الناس وفي مقدراتهم، وأعجب، هل يمكن لرجل فرد يحتل مكان الحاكم أن يفعل كل هذا الشر بمفرده؟ كيف يتسنى لرجل فرد أن يقوم بكل هذه الشرور ويبوء بكل هذه الذنوب وحده بلا شريك؟ هذا أمر لا يعقل ... من الذي يقوم بإصدار الأوامر التفصيلية التي تفصّل إرادة الحاكم؟ ثم
بين العدل والإيثار
لا شك أنّ حب الذات وإيثار النفس وتقديم المصلحة الشخصية على العامة هي مما غُرِس في نفس بني آدم منذ خلق الله الخلق، وليس أدلّ على ذلك من فعل ابني آدم، حين قتل أحدهما الآخر لتقديم مصلحته إذ تعلرضت مع مصلحة أخيه ولو كان ذلك بغير الحقّ. ولهذا، ولأن الله سبحانه لا يكلّف إلا بما هو مستطاع، فقد أمر سبحانه بالعدل، ونهى عن الظلم، قال إن الله يأمر بالعدل والإحسان
إلا من ظُـلِم
من أبشع الخُلُق الذي يبتلى به المسلم، بل الإنسان بشكل عام، أن يكون ممن يهون عليه ذكر الناس بالسوء ورميهم بالظلم، ووصمهم بإثم وعدوان، دون برهان قاطع أو دليل ساطع يتقي به عقاب الرحمن، يقول الله سبحانه في آي الذكر الحكيم لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلِم، وكان الله سميعاً عليماً النساء 148. فالله سبحانه لا يحب هذا الفعل ولا يرتضيه، وهو يسمع قول القائل ويعلم
اعْدلـوا هو أقـربُ للتقـوى
أمرٌ اجتمعت الخلائـق كلها على تحسينه والترغيب فيه، حتى من قبل ورود الشرائع أو في عهد الفترات، وإن اختلفت دلالاته من عصر إلى عصر ومن مكان إلى مكان، فهو مَعقِد آمال الناس أن يدركوه أو أن يدركوا منه ما استطاعوا؛ ألا وهو العـدل.
والعدل سمة رئيسية ليس من سمات الإنسانية فحسب، بل ومن معطيات النضج الحضاريّ، فالحيوان لا يعرف العدل إلا كما تمليه عليه غرائزه، فإن شبع وقضى حاجة الجسد لنفسه،
فورب السماء والأرض إنه لحقّ
رَفـْضْ الحق البيّن الواضح داءٌ يصيب الإنسان الذي تتلاعب بعقله الأهواء والأغراض، وتعصف به التقاليد والأعراف، لا يتبع فيه منطقاً ولا يستمع إلى دليل، بل هو ما نشأ فيه وترعرع لا يزحزحه عنه صدق أو يرده إلى صوابه بيان، فهو في ذلك كالأعمى الذي يرفض يداً ممدودة لتدله على الطريق، فلا هو أصاب الحق بنفسه ولا هو استفاد من الدليل، ظلمات بعضها فوق بعض.
والإنسان الضال يُزين له شيطان هواه كل
|