يهنئ الموقع المسلمين السنّة في أنحاء العالم بعيد الفطر المبارك، وندعو الله أن يرفع عن المسلمين الغمة في كلّ مكان، وأن يرفع العدوان عن غزة
الرد على الحازمي
الرد على الشيخ أحمد بن عمر الحازمي 5
الأحد 16 مارس 2014
عدد المشاهدة : 1656
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد، 27) ونود أن نقرر هنا أن الأمر في هذا الخلاف كان من الممكن أن يبقى في الحيز الأكاديميّ، لكن المشكلة أنّ قد بلغنا أن الكثير من الإخوة من عوام المسلمين، خاصة في تونس، قد تأثّروا بكلام الشيخ. ثمّ إنه قد ذهب منهم إلى جبهة الجهاد في الشام عددٌ، فدافعوا ونافحوا عن هذا النظر وتعَصّبوا له، سواءً في الدولة أو في النصرة أو غيرهما، مما أدّى إلى حدوث تطرفٍ مقيتٍ، وتكفير بتعميم وتعيين، ممن ليس له قدرة على النظر ابتداءً، إلا اعتماداً على قول الشيخ فيها، أو اعتبار بعض الأقوال نقلاً دون التمكن من آلة النظر. وأدى إلى الطامة الكبرى التي سنذكرها بعدُ من إطلاقه القول بأن العوام يمكنهم أن يكفِّروا من ثبت كفره "عندهم أو عنده!". وقد أدى ذلك كما قلنا إلى تكفيرات متبادلة بين الفصائل، وإلى قتل أنفسٍ حرّم الله قتلها إلا بالحق. وما أرى إلا أنّ بعضا من وزر ذلك التكفير وتلك الدماء يقع على من أعطى هؤلاء السمّ الزعاف ليكون شفاءً ودواءً في رأيه، فإذا بهم يستخدمونه حراباً وسهاماً ضد إخوة لهم في الدين، وضد عوامٍ لا يحل دمهم إلا بالحق. وقد رأينا وسمعنا عن "شرعيين" يحكمون بردة على فصائل، من كل الأطراف. 28) أما عن مسألة أن العوام لهم، بل يجب عليهم، الحكم بالتكفير في هذه الأمور الشّركية، فهذه طامّة كبرى وضلالة عظمى تؤدى إلى هرجٍ عظيم وبلاء مقيم. فإنه قد أجمع العلماء على أنه ليس للعاميّ أن يفتى غيره ولو في الاستنجاء من الخراءة بلا علم[1]، فهل تكون نجاسة دُبر أحدهم أهمّ من إعلانه كفر معيّن، وما يترتب على ذلك من تصرفات تقع بين الناس، من عدم صلاة خلفه، ومنع دفنه في مقابر المسلمين، وعدم صحة إرثه ومنع زواجه من المسلمات، وغير ذلك؟ أيكون هذا منطقاً صواباً؟ ووالله لئن كان منع هذا من باب سدّ الذريعة إلى هذا الهرج، أو درء مفسدته لكفى به دليلاً. وقد أمر الله سبحانه كلّ من ليس لديه أداة العلم لمعرفة حكمٍ شرعي أن يرجع إلى من عنده الأداة قال تعالى في موضعين من كتابه الحكيم "فَسْـَٔلُوٓا۟ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" الأنبياء 17&النحل 43. قال الإمام السعديّ "وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل. فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة" تفسير السعديّ، أي تبعة الاجتهاد بنفسه. 29) وما على العاميّ إلا أنْ ينكر هذا الفعل، ويردّه ويوضح لمن يراه واقع في عمل شركٍ أنّ هذا شرك مناقض للإسلام. أمّا أن يقرر ما إذا كانت هذه الصورة حقاً من الشرك الأكبر، دون أن يعرف إن وُجد مانع أو تخلف شرط أو خلاف ذلك، خاصة عند من يقول بضرورة التأكد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع كما صرح بن تيمية بذلك، ويكفّر الفاعل عيناً مباشرة، فإنّ ذلك لا يصح على وجه الإطلاق. 30) وقد وردت بعض ردود على هذا البحث، منها ما هوسبٌ وقذف، وهو ما نوكل أمر قائليه من الأصاغر إلى الله، ومنها ما هو محاولات ممن هو جديد في مضمار العلم، وممن تكلم قبل أن يتعلم. لكن لم أرى في أيّها ما يحمل على رفع القلم، إلا تعليقاً ورد عن تكفير الإمام أحمد لمن قال بخلق القرآن وتكفير من لم يكفره. وهذا قولٌ مردود عليه. فأولاً لم يسمع أحدٌ أنّ أحمداً قد كفر المأمون ولا الواثق ولا المعتصم، ولا حتى أحمد بن أبي دؤواد، لا قبل المحنة ولا بعدها، بل ثبت عنه هذا القول العام لاغير. ثم ثانياً، فإن مسألة خلق القرآن أصلاً كانت مما يُمتحن بها العلماء لا العوام الجهلة، وهم ممن بلغتهم الحجة وهم على علم بها. وثالثاً فإن تكفير القائل بخلق القرآن يعنى إنكار علم الله الأزليّ، وهذا القول، من عالمٍ يعلم الحجة، كفر لا شك فيه، وليس للعاميّ دخلٌ بهذا. وهذا غير الموضع الذي نتحدث فيه بالكلية، فالاستشهاد به ساقط. 31) وأخيراً، فإني أبرأ الله من الهوى والتعصب، فوالله قد دوّنت في ذمّهما كتاباً كاملاً، ولا يُفلح صاحبهما في الدنيا ولا في الآخرة. وقد كتبت هذا المبحث لبيان أنّ القول بتكفير العاذر بإطلاق في مسألة العذر بالجهل كافر، كما ورد في حديث بعض الفضلاء، خطأ وتأوّل على الله وغلوٌ وخروج عن حدّ الإنصاف، وعلى قول جماهير علماء السلف، ومن تبعهم بإحسانٍ من الخلف، وأنّ إطلاق الأمر للعامة في التكفير، هو خطرٌ من أكبر المخاطر على الأمة، خاصة إن كانت مناطاته في مواطن اقتتال بين المسلمين، كما هو في الشام اليوم. اللهم إنّا نُشهِدك أننا لا نحمل شنآنا لأحد من أهل التوحيد، لكننا، يشهد الله، قد آلينا على أنفسنا منذ عقود أن نذبّ عن السنة وعمّا أجمع عليه علماء أهلها وجماعتهم، فيما نرى فيه انحرافاً عنها. اللهم اجعل هذا البحث مقبولاً لديك خالصاً لوجهك، صواباً على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، واغفر لي تقصيرى إن قصّرت، وخطئي إن أخطأت، إنك وليّ ذلك والقادر عليه. د طارق عبد الحليم 15 جمادى أول 1435 - 16 مارس 2014
[1] ونرى أنه من العبث نقل أدلة ذلك فهو من المعلوم الثابت عند أقل الناس علماً، وهذا الإطناب البارد في كثرة النقول، إلا ما يكفي لإثبات المقصود إن لزم، هو مظهرٌ من مظاهر طريقة متكلمي السلفية السعودية، سرورييها وإخوانها ومتطرفيها جميعاً. وقد أثر هذا بشكلٍ عظيم على ذوق العامة من المسلمين، فالعالم عند هؤلاء هو من وضع في كلامه عددا من النقول أكثر من غيره، والله المستعان، وهذا لعدم استقامة الفهم وانحراف الفطرة. |
تعليقات القراءجزى الله نبينا خير عن امتهبواسطة :محمد
التاريخ : الأحد 16 مارس 2014
جزاكم الله خيرا
السلام عليكمبواسطة :هدهد سليمان
التاريخ : الاثنين 17 مارس 2014
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل .فعلا لقد عمت البلوى وكثرت الفتن بين العامة والخاصةوهي فتن كقطع اليل المظلم بحاجةألى بيان .ووالله أن معركة البيان ليست أقل شأنا من معركة السنان .أدامك الله شيخنا رافعا للوائهاومنكسا لأعلام الفتن .أرجوا أن يكون في وقتك متسعا لتنكيس علم فتنة أخرى أطلت في رئسها.فقد بعثنا لك على الفيس بعض تفاصيلها .فلا تحرمنا من النصرة بسيف قلمك وجزاك الله خيرا .
دعاءبواسطة :راجي عفو ربه
التاريخ : الاثنين 17 مارس 2014
بارك الله فيك شيخنا وثبتك الله وايدك ونفع بك
استفسار شيخنابواسطة :فداء الاسلام
التاريخ : الاثنين 17 مارس 2014
نفهم من هذا البحث انك تخالف بن تيمية وبن عبدالوهاب في قولهم العذر بالجهل حتي تقام الحجة الرسالية
اين شدتك المعهودة شيخنابواسطة :موحد بالله
التاريخ : الاثنين 17 مارس 2014
اين شدتك المعهودة التي تواجه بها من عنده شيء من ارجاء . لماذا اراك لينا مع من عنده شيء من الغلو . وجزاك الله خيرا فقد انرت لنا الطريق بهذا البحث . لكن نقصته الشدة والمهاجمة المعهودة
سؤالبواسطة :احمد ابو محمد
التاريخ : الاثنين 17 مارس 2014
اذا فما الذي تستند عليه شيخنا في مخالفتك لابن تيمية وبن عبدالوهاب في عدم اعذارك بالجهل من وقع في الشرك الاكبر وانهم يعذرون من وقع في ذلك حتي تقوم الحجة الرسالية . وجزاك الله خيرا علي هذا البحث الرائع واطال الله في عمرك حتي نتعلم منك
ربي لا تذرني فردابواسطة :هدهد سليمان
التاريخ : الاثنين 17 مارس 2014
https://www.facebook.com/editnote.php
عذرا هذا رابط المقالةبواسطة :هدهد سليمان
التاريخ : الثلاثاء 18 مارس 2014
https://www.facebook.com/notes/أبو-فؤاد-صالح/يا-حبف-يا-حيف-يا-حيف-1/686396111406701
خلاصة القول في المسألةبواسطة :باسم
التاريخ : السبت 22 مارس 2014
هو أنني حين كتبت في موضوع العذر بالجهل قبل خمسة وثلاثين عاماً، وقررت فيه ما قرر الشيخ الحازميّ في هذين الشريطين، فقد قصدت به كفر كلّ من لم يترك عبادة الطاغوت، وكنت أقصد بالذات طاغوت القصور مع طاغوت القبور، إذ انتشر وقتها، ولا يزال إلى وقتنا، من يفرّق بين الكفرين، فيحصر حديثه على من دعا أهل القبور، وينسى أو يتناسى من شرّع ورضى بتحكيم غير شرع الله أو والى الصهيو-صليبية، وأقام لها قواعدا تنطلق منها لقتل المسلمين في نواحى الأرض، وتفرض سيطرتها العسكرية على أراضيهم، بل ولبس الصليب في عنقه، وتحالف مع السيسي الكافر المُتحالف مع تواضرس، وأول من اعترف وموّل بانقلابه الشركيّ الذي قتل المُصلين الركّع السجود، أم هل يعتبر الشيخ الحازميّ هؤلاء كفاراً يحلّ قتلهم وحرقهم أطفالاً وشيوخا ونساءً في المساجد، بل ومن شرّع منع الجهاد في سبيل الله، وعاقب عليه، وسجن واعتقل وقتل من المسلمين الموحّدين، لا لأنهم سرقوا ونهبوا، بل لأنهم قاموا في وجه سلطان يفعل ما يفعل من هذه الشركيات الظاهرة التي هي في أصل التوحيد، ولبّ الكفر بالطاغوت، وما لا حصر له من الأفعال! فهل استثنى الشيخ الحازميّ هذا الصنف من الكفر، وهل يلجأ، في هذا اللون من الكفر الصراح، إلى التأويل والتحليل، بل والتضليل، ليُخرج أمثال هذه الأفعال من دائرة التوحيد، ويقصرها على عباد القبور؟ حينها نردّ عليه بكلّ ما ذكر في الكفر بالطاغوت، ومخالفة ملة إبراهيم، إلا إن ادعى أن من ملة إبراهيم ما يفعل هؤلاء من كفر حكمٍ وولاء، وبما نقل هو بنفسه عن القرطبيّ في عدم مخالفة ظواهر الآيات في مخالفة ما ثبت في القرآن بقول "كفرٌ دون كفر"، ولا يحرّف الكلم عن مواضعه. ولعلنا نسمع منه في هذا الأمر. وقد كتبنا في هذا اللون من الكفر في مواضع عدة منها ردّنا على المدخلي المبتدع، بالتفصيل، فليرجع اليها من أراد. ثم نتابع حديثنا عن عباد القبور، ونترك، إلى حين، عُباد المناصب والقصور.
اضف تعليقك |